أهلاً رمضان
الصوم الخالص لله تعالى
الصوم من أرقى العبادات، حيث كرمه الحق تبارك وتعالى فجعله لنفسه، وهويجزى به، وكما نعلم الصوم كان مكتوبا على الأمم السابقة لقوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" وهذا يوضح ويجلى لنا أهميته كعبادة حقة لله تعالى جل شأنه، ومن ثم لابد أن يكون حرصنا على صفاء هذه العبادة، وأن تكون خالصة لوجه الله تعالى.
لماذا نصوم
المسلم يفعل كذا... لأن الله قال له افعل ، ولا تفعل كذا... لأن الله قال له لا تفعل.
هل يعلم الطفل الحكمة فى جرعة الدواء المرة حين تشفيه من مرضه؟ إنما الطبيب الذى وصفها له هو الذى يعلم الحكمة فيها ومنها.
والمسلم يصوم لأن الله قال له صم. والعلم الحديث أثبت ان للصيام فوائد كثيرة للجسم ومفيد لعلاج بعض الأمراض ولكن...والذى يصوم لأن صومه يشفيه من علته نقول له : صومك ليس عبادة... وليس ناشئا عن إيمان، إنما ذلك صوم، إيمانا بالفائدة التى ستعود عليك من الصوم ، وليس بالصوم نفسه، إذن فالأصل أن يقبل الأمر من الله، حتى تكون عبادته خالصة، وصومه خالصاً لوجه الله تعالى.
الصيام المقبول عند الله سبحانه وتعالى
الصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة.
متى يبدأ شهر رمضان : يثبت حلول شهر رمضان برؤية الهلال – ولو من واحد عدل (شاهد يوثق به) – أو بإكمال شهر شعبان ثلاثين يوما. وحينئذ يجب الصيام.
ووقت الصوم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس لقوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ " البقرة 187
قال الشيخ الشعراوى
ولو طلع الفجر وفى فمه شىء فلفظه. صح صيامه اما إذا ابتلعه بعد ذلك فإنه يفطر - السحور سنة عن النبي صلي الله عليه وسلم، ويجب أن يحرص عليه المسلم، قال صلي الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" وقت السحور من منتصف الليل إلى آذان الفجر، ويستحب تأخيره، ويتحقق السحور بكثير الطعام أو قليله ولو بجرعة ماء.
يستحب أن يسارع الصائم بالإفطار، طالما جاء وقت المغرب، كما يستحب تأخير السحور إلى قبيل الفجر بوقت قليل فهذا أفضل.
ولا يصح الصيام إلا بالنية ، ومحلها القلب ويجوز أن تكون النية كل يوم أو نية واحدة تكفى فى اول ليلة من رمضان بنية صوم الشهر كله. ويقوم مقام النية الاستعداد للصيام مثل القيام للسحور وتحرى وقت الفجر للأمتناع عن الأكل وهكذا.
ولا يضر الأكل أو الشرب أو الجماع بعد النية مادام ذلك قبل طلوع الفجر
ويستحب الدعاء المأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم " اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر بإذن الله أغفر لى يا رب العالمين ، الحمد لله الذى أعاننى فصمت ورزقنى فأفطرت"
يستحب للصائم أن يكثر من الدعاء عند فطره ساعة افطاره , فإن تلك ساعة يستحاب فيها الدعاء. قال صلى الله عليه وسلم " إن للصائم عند فطره دعوة ما تُرد" ابن ماجه
فضائل شهر الصيام
قال تعالى " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" البقرة 185"
شهر رمضان من الشهور العربية وكان معروفا عند العرب قبل نزول القرآن فيه.
وشهر رمضان يتكون من – حرف الراء والميم والضاد – كلها تدل على الحرارة و حرقة العطش .. والرمضاء يعنى الرمل الحار وكأن العرب قديماً حينما جاءوا ليضعوا أسماء للشهور ، صادف ذلك في شهر رمضان كان في وقت الحر (كما أن ربيع أول وربيع ثاني كانا في وقت الربيع)... كأن الحق سبحانه وتعالى باختياره لهذا الشهر ذلك الاسم ليدل بذلك على المشقة التي تعترى الصائم.
وعن شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن صوم رمضان له فضل عظيم" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر" مسلم
.وأكبر الكبائر هو الكفر والشرك بالله " والعياذ بالله
"أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام فى أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان (أى بعد اليوم السادس)، و الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان (بعد اليوم الثالث عشر) وبدء نزول القرآن فى العشر الأواخر من رمضان.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصيام للقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصائم أى رب منعت الطعام والشهوة فشفعنى فيه، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعنى فيه، قال: فيشفعان"
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعطيت أمتى فى شهر رمضان خمساً لم يعطهن نبى قبلى: أول ليلة من رمضان ينظر الله إلبهم، ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبداً
الثانية: فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك.
الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم فى كل يوم وليلة.
الرابعة: يأمر الله جنته استعدى وتزينى لعبادى أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى دارى وكرامتى.
الخامسة إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعاً قال رجل أهى ليلة القدر يارسول الله ؟ قال "لا" ، ألم تر إلى العمال يعملون، فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم"
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به. والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن صابه أحد أو قاتله فليقل: إنى امرؤ صائم، والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
" وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه"
وعن سهل بن سعد رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال" إن فى الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، يقال أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد"
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب : وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين"
شروط وجوب الصيام
ينقسم الصيام إلى قسمين: فرض، وتطوع، وصيام التطوع كصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع. أما صيام الفرض فهو كصيام شهر رمضان والكفارات يجوز للصائم المتطوع أن يُفطر متى شاء قال صلى الله عليه وسلم" الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر" الحاكم
أما حين شرع الله الصوم في رمضان .. فلم يتأت فيه ذلك الاختيار بدليل كلمة يطيقونه، لم تأت في قوله تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى
وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" البقرة 185". يباح الفطر للمسافر والمريض، وعليهما قضاء ما فاتهما
قول الله تعالى " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " تعقيب على أنه أعفى المريض وأعفى المسافر من الصيام .. إن الله يريد بكم اليسر فكأنك لو خالفت ذلك لأردت الله معسراً وليس ميسراً .. فعليك أن تلتزم الآية "فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَر" وعليك أن تلتزم بالتيسير الذي شرعه الله لك.
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بأذن زوجها، قال صلي الله عليه وسلم: "لا تصوم المرأة يوما واحدا وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا رمضان" متفق عليه.
يرخص في الفطر للمسفر وللشيخ الكبير والمرأة الحامل والمرضع ، إذا كان في الصيام مشقة عليهم، ويطعموا عن كل يوم افطروه مسكينا.
يجب الصيام على المسلم – البالغ - العاقل والصحة و المقيم ويشترط لصوم المرأة _ بلإضافة إلى ذلك- أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس.
قال صلي الله عليه وسلم: "من نسى – وهو صائم – فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق عليه.
لا يجب الصوم على الصبي، وينبغي لولى أمره أن يعوده الصوم من الصغر مادام الصبي مستطيعا له، قادرا عليه.
قال صلي الله عليه وسلم: "من افطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله - لم يقض عنه صيام الدهر كله وان صامه" أبوداود يعنى : لا يعوضه فى الثواب والأجر
الأمور التى يستحب للصائم أن يفعلها فى رمضان
يجوز للصائم استعمال السواك، والاغتسال، والاكتحال، وشم العطور، والمضمضة، والاستنشاق، وما لا يمكن الاحتراز عنه كابتلاع ريقه
على الصائم إلا يكذب وإلا يشهد زورا، قال صلي الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" البخارى
الصيام فى شهر مضان – ليس المراد بالصيام هو الأمتناع عن الأكل والشرب فقط ولكن فرض الله الصيام لكسر شهوات النفس ولتقوية المؤمن على مخالفة هوى نفسة والبعد عن المعاصى.
يعنى حفظ الجوارح الست:
غض البصر عن الحرام
وصون السمع عن الإصغاء إلى كلام يغضب ربنا
o وعدم الجلوس مع أهل الباطل –
o حفظ اللسان عن الأقوال المؤذية وعدم ذكر خلق الله وترك المجاملة والمخاصمة
o ويمتلأ القلب بحب الله بكثرة قرأة القرآن والسجود والأكثار من ذكر الله
o ونظافة اليد ما أن تمتد إلى مال حرام.
قال صلي الله عليه وسلم: "ليس لا صيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث (الكلام الفاحش)، فإن سابك ( شتمك) احد أو جهل عليك فقل: أنى صائم .. أنى صائم".
الصلاة فى رمضان من المعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يؤدى جميع الفرائض التى فرضها الله عليه حتى يصل إلى تمام الرضا من الله والرحمه منه ومما لا شك فيه أن الصائم المؤدى لجميع الفرائض ، والملتزم لحدود الله ثوابه أفضل من ثواب غيره الذى يسقط الفروض فعليه وزر ترك الصلاة- يلقى جزاءه عند الله.
صلاة التراويح أو قيام رمضان سُنة تُؤدى بعد صلاة العشاء، ووقتها ممتد إلى آخر الليل، والأفضل أن تكون قبل الوتر، وتُصلى ركعتين ركعتين.وعدد
ركعاتها ثمان ركعات، أو عشرون ركعة بقراءة خفيفة بخلاف ركعتى الشفع وركعة الوتر...هى سُنة مؤكدة للرجال والنساء على السواء فى جميع ليالى رمضان وتسن فيها الجماعة.
يجوز أن تصلى فى المنزل، وصلاتها فى المسجد أفضل
كان المسلمون يصلون صلاة التراويح على عهد النبي صلي الله عليه وسلم ثماني ركعات. وفى خلافة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – صلاها بعض الناس عشرين ركعة.
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان، فلما كان العام الذي مات فيه اعتكف عشرين يوما.
الاعتكاف، الإقامة الكاملة فى المسجد، وعدم الخروج منه مدة معينة، على نية التقرب لله عز وجل، وهو سنة حين يتطوع به المسلم من تلقاء نفسه، وتتأكد سنيته فى العشر الأخير من رمضان، فلإذا نذره المسلم، كان واجبا عليه أن يؤديه. وليس للأعتكاف وقت محدد، فمتى مكث الإنسان فى المسجد مدة بنية الاعتكاف، كان معتكفا، فإذا خرج، له أن يجدد النية.
سألت السيدة عائشة - رضي الله عنها – الرسول صلي الله عليه وسلم عما تقول في ليلة القدر، فقال صلي الله عليه وسلم لها: "قولي: اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنى".
العيد
نهى الإسلام عن صوم يوم العيدين، وأيام التشريق، وهى الأيام الثلاثة إلى تلي يوم عيد الأضحى، وكذلك إفراد يوم الجمعة بصوم.
يستحب صيام ستة أيام من شهر شوال بعد عيد الفطر، قال صلي الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر".
وكل عام وأنتم بخير
